سنن الطبيعة في القرآن الكريم (دراسة تأصيلية تطبيقية)
فإننـا نلاحظ في هذا العصر كثرة النظريـات التي تفسر لنـا الظواهر الكونية والاجتماعية والنفسيـة، وكثير من الناس مَنْ يؤمن بها ويراها حقائق مسلَّمة، ثم يُكْتَشَف أن الكثير منها غير صحيح، ونلاحظ أيضاً أن بعض المسلمين قد أُعْجِب بكل ما تقدمـه الحضارة المعاصرة من نظريات، ولم يميزوا بالنظر والتدقيق بين الغث منها والسمين. ولهذا نتساءل: هل لدينا في القرآن الكريم حقائق ثابتة تقدِّم تفسيراً صحيحـاً عن الكون والإنسـان؟ أجل إن السنـن الإلهيـة هي حقائق ثابتة تقدِّم لنا تفسيرات كثيـرة عن الكون والإنسان، وقد أظهر الله تعالى في كتابـه العزيز بعضاً من هـذه السنن وأخفـى الكثير؛ ليكتشف منهـا الإنسان في كل زمـان ما يناسبه، وما يكون دليلاً جديداً من الأدلة التي تؤكد صدق ما جاءت به الرسالة الخاتمة.
ومن هنا تأتي أهمية هذه الدراسة، فقد جاءت لتؤكد هذه الدعوى، وذلك من خلال دراسة قرآنية في موضوع السنن الإلهية التي تكلم عنها القرآن الكريم أو أشار إليهـا، فإبراز السنن المبثوثـة في القرآن الكريم؛ تُعَرِّفنا على حقيقة أنفسنا، وعلى حقيقة المجتمعات الإنسانية، وعلى حقيقة الكون الذي نعيش فيه. وتلك السنن المذكورة في القرآن الكريم كثيرة؛ ولهذا سأقتصر في هذه الدراسة على سنن الطبيعة والمجتمع فقط، فأقدم دراسة نظرية تأصيلية، لمعنى السنن، والطبيعة، والمجتمع، ثم أعرض أمثلة تطبيقية لكلٍّ منهما.
ومن الصعوبات التي واجهتني في هذه الدراسة:
أولاً: سعة المادة العلمية، وقد حاولت ـ ما استطعت ـ أن أتجاوز ما كُتِب حول هذه الدراسة وما يتعلق بها، بحيث أختار خلاصتها وأضيف ما أراه جديداً، وبطبيعة الحال هذه مهمة ليست بيسيرة.
ثانياً: ومن الصعوبات أيضاً تنظيم المباحث وترتيبها؛ وذلك لتداخل السنن الإلهية فيما بينها وتشابهها، وبناء على هذا أطلب من الناظر في هذا البحث أن يتمهل في قراءته، وينهي مباحثه؛ لكي تتضح له الصورة بأبعادها.
وسارت هذه الدراسـة على أكثر من منهـج: فهناك المنهج الوصفي الذي يتناول القصص القرآني والرجوع إلى بعض أحداث التاريخ، وهناك المنهج التاريخي الذي يتتبع ظاهرة مّا في مراحل نشأتهـا، وهنـاك المنهج المقـارن الذي يبين آراء المفسرين فيقارن بينهـا لاختيار المناسب منهـا، وكانت هناك مقارنـات في بعض المواقف بين ما أثبته القرآن الكريم من السنن وبين الواقع من جهة الطبيعة والمجتمع.
وأشير فيمـا يلي إلى بعض الدراسات السابقـة التي تناولت موضوع السنن الإلهية، فمنها:
أولاً: ’سنن الله في الأمم من خلال آيات القرآن (دراسة موضوعية)‘، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، كلية أصول الدين، مقدمة من الباحث حسن صالح الحميد (1414ﻫ)، ولم يتيسر لي الاطِّلاع على هذه الدراسة.
ثانياً: ’سـنن القرآن في قيام الحضارات وسقوطهـا‘، كلية البنات، جامعة عين شمس، مقدمة من الباحث محمد هيشور، وقد طبعها المعهد العالمي للفكر الإسلامي (1417ﻫ، 1996م) وتنـاول فيها الباحث معنى السنن، وعرض بعض المصطلحات الحديثـة المتعلقة بها، كالحتمية والصدفة والصراع، ثم بيَّن مفهوم الحضارة في القرآن الكريم وتصورات بعض المفكرين حولها، ومِنْ ثَمَّ درس بعض سنن التحضر والسقوط في القرآن كما أسماها، كسنة الاستخلاف والإهلاك.
ثالثاً: ومـن المؤلفات التي تنـاولت دراسـة السنن الإلهيـة: كتاب الدكتور عبد الكريم زيـدان ’السنن الإلهيـة في الأمم والجمـاعات والأفراد في الشريعـة الإسلامية‘ تناول فيه بعض سنن المجتمع. وكتاب الباحثة زينب عطية محمد ’أصول العلوم الإنسانيـة مـن القرآن الكريم‘ كشاف موضوعي ’السنن الإلهيـة في الآفاق والأنفس والأمم‘، فهذا الكتاب فهرس للسنن، وقد جمعت فيه الباحثة سنن المجتمع والطبيعة والأنفس، والسنن الشرعية، فجاء عملاً متجاوزاً السنن الإلهية بالمصطلح الذي حددناه بالبحـث. وكذلك كانت هناك ندوة بعنوان: (سـنن الله في الآفـاق والأنفس) ـ انعقدت على مدار ثلاثة أيام ـ اجتمع فيها كبار الأساتذة ومن اختصاصات متعددة في الشريعة الإسلامية والعلوم الطبيعية، وقد طُرِحت فيها تساؤلات كثيرة حول السنن الإلهية( )، وحاولتْ هذه الدراسة أن تجيب على أغلبها.
والذي انفردت بـه هذه الدراسة عن سابقاتهـا أنها جمعت بين سنن الطبيعة والمجتمع، وذلك لإبراز أوجه التشابه والاختلاف بينهما، بالإضافة إلى أنها جمعت في مسائل كثيرة بين آراء المتكلمين، والمفسرين، والمختصين في العلوم الحديثة.
وثمة ملاحظات يمكن أن تثار حول هذه الدراسة:
أولاً: الاقتصار على بعض السنن الإلهيـة، فقد تحدثت عن سنن الطبيعـة والمجتمع، وتركت سنن الأنفس، هذا من جهة، ومن جهة أخرى تحدثت عن بعض سنن الطبيعـة والمجتمع في القرآن الكريم، ولم أتحـدث عنها جميعـاً، والسبب في هذا الاقتصارِ الصعوبةُ الكبيرة على الباحث في عرض ومناقشة جميع السنن، فهذا أمر يحتاج إلى مجمع علمي يضم باحثين متعددةً اختصاصاتُهم، فكانت مهمتي أن أستعرض بعض هذه السنن وأدرسها دراسة معمقة.
ثانياً: إن الحديث عن سنن الطبيعة جاء أقل من الحديث عن سنن المجتمع، وهذا العمـل اقتضته طبيعـة القرآن الكريـم حيث إنـه فصَّل في سنن المجتمـع، بخلاف حديثه عن سنن الطبيعة، فغالباً ما كان مجملاً، هذا من جانب، ومن جانب آخر فقد ألزمت نفسي بضوابط اتفق عليهـا المفسرون، هذه الضوابط جعلتني متحفظاً في تفسير السنن المتعلقـة بالطبيعـة؛ ذلك أنها تحتاج إلى أهل التخصص في كل فنٍّ وعلم، فهناك سنن تتكلم عن الأفلاك، وسنن تتكلم عن البحار، وسنن تتكلم عن الجبال، وهكذا...
ثالثاً: أن عنوان الرسالة جاء باسم (سنن الطبيعة والمجتمع)، وكان الأَولى أن يُسَمى: السنن الإلهية ـ فهي كذلك ـ ولكن عدلت عن ذلك من أجل ألا يُصَادر على البحـث، فـكان العنـوان (سنن الطبيعة والمجتمع) ليثبـت من خلال البحث والمناقشة أنها سنن إلهية.
ومن هنا تأتي أهمية هذه الدراسة، فقد جاءت لتؤكد هذه الدعوى، وذلك من خلال دراسة قرآنية في موضوع السنن الإلهية التي تكلم عنها القرآن الكريم أو أشار إليهـا، فإبراز السنن المبثوثـة في القرآن الكريم؛ تُعَرِّفنا على حقيقة أنفسنا، وعلى حقيقة المجتمعات الإنسانية، وعلى حقيقة الكون الذي نعيش فيه. وتلك السنن المذكورة في القرآن الكريم كثيرة؛ ولهذا سأقتصر في هذه الدراسة على سنن الطبيعة والمجتمع فقط، فأقدم دراسة نظرية تأصيلية، لمعنى السنن، والطبيعة، والمجتمع، ثم أعرض أمثلة تطبيقية لكلٍّ منهما.
ومن الصعوبات التي واجهتني في هذه الدراسة:
أولاً: سعة المادة العلمية، وقد حاولت ـ ما استطعت ـ أن أتجاوز ما كُتِب حول هذه الدراسة وما يتعلق بها، بحيث أختار خلاصتها وأضيف ما أراه جديداً، وبطبيعة الحال هذه مهمة ليست بيسيرة.
ثانياً: ومن الصعوبات أيضاً تنظيم المباحث وترتيبها؛ وذلك لتداخل السنن الإلهية فيما بينها وتشابهها، وبناء على هذا أطلب من الناظر في هذا البحث أن يتمهل في قراءته، وينهي مباحثه؛ لكي تتضح له الصورة بأبعادها.
وسارت هذه الدراسـة على أكثر من منهـج: فهناك المنهج الوصفي الذي يتناول القصص القرآني والرجوع إلى بعض أحداث التاريخ، وهناك المنهج التاريخي الذي يتتبع ظاهرة مّا في مراحل نشأتهـا، وهنـاك المنهج المقـارن الذي يبين آراء المفسرين فيقارن بينهـا لاختيار المناسب منهـا، وكانت هناك مقارنـات في بعض المواقف بين ما أثبته القرآن الكريم من السنن وبين الواقع من جهة الطبيعة والمجتمع.
وأشير فيمـا يلي إلى بعض الدراسات السابقـة التي تناولت موضوع السنن الإلهية، فمنها:
أولاً: ’سنن الله في الأمم من خلال آيات القرآن (دراسة موضوعية)‘، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، كلية أصول الدين، مقدمة من الباحث حسن صالح الحميد (1414ﻫ)، ولم يتيسر لي الاطِّلاع على هذه الدراسة.
ثانياً: ’سـنن القرآن في قيام الحضارات وسقوطهـا‘، كلية البنات، جامعة عين شمس، مقدمة من الباحث محمد هيشور، وقد طبعها المعهد العالمي للفكر الإسلامي (1417ﻫ، 1996م) وتنـاول فيها الباحث معنى السنن، وعرض بعض المصطلحات الحديثـة المتعلقة بها، كالحتمية والصدفة والصراع، ثم بيَّن مفهوم الحضارة في القرآن الكريم وتصورات بعض المفكرين حولها، ومِنْ ثَمَّ درس بعض سنن التحضر والسقوط في القرآن كما أسماها، كسنة الاستخلاف والإهلاك.
ثالثاً: ومـن المؤلفات التي تنـاولت دراسـة السنن الإلهيـة: كتاب الدكتور عبد الكريم زيـدان ’السنن الإلهيـة في الأمم والجمـاعات والأفراد في الشريعـة الإسلامية‘ تناول فيه بعض سنن المجتمع. وكتاب الباحثة زينب عطية محمد ’أصول العلوم الإنسانيـة مـن القرآن الكريم‘ كشاف موضوعي ’السنن الإلهيـة في الآفاق والأنفس والأمم‘، فهذا الكتاب فهرس للسنن، وقد جمعت فيه الباحثة سنن المجتمع والطبيعة والأنفس، والسنن الشرعية، فجاء عملاً متجاوزاً السنن الإلهية بالمصطلح الذي حددناه بالبحـث. وكذلك كانت هناك ندوة بعنوان: (سـنن الله في الآفـاق والأنفس) ـ انعقدت على مدار ثلاثة أيام ـ اجتمع فيها كبار الأساتذة ومن اختصاصات متعددة في الشريعة الإسلامية والعلوم الطبيعية، وقد طُرِحت فيها تساؤلات كثيرة حول السنن الإلهية( )، وحاولتْ هذه الدراسة أن تجيب على أغلبها.
والذي انفردت بـه هذه الدراسة عن سابقاتهـا أنها جمعت بين سنن الطبيعة والمجتمع، وذلك لإبراز أوجه التشابه والاختلاف بينهما، بالإضافة إلى أنها جمعت في مسائل كثيرة بين آراء المتكلمين، والمفسرين، والمختصين في العلوم الحديثة.
وثمة ملاحظات يمكن أن تثار حول هذه الدراسة:
أولاً: الاقتصار على بعض السنن الإلهيـة، فقد تحدثت عن سنن الطبيعـة والمجتمع، وتركت سنن الأنفس، هذا من جهة، ومن جهة أخرى تحدثت عن بعض سنن الطبيعـة والمجتمع في القرآن الكريم، ولم أتحـدث عنها جميعـاً، والسبب في هذا الاقتصارِ الصعوبةُ الكبيرة على الباحث في عرض ومناقشة جميع السنن، فهذا أمر يحتاج إلى مجمع علمي يضم باحثين متعددةً اختصاصاتُهم، فكانت مهمتي أن أستعرض بعض هذه السنن وأدرسها دراسة معمقة.
ثانياً: إن الحديث عن سنن الطبيعة جاء أقل من الحديث عن سنن المجتمع، وهذا العمـل اقتضته طبيعـة القرآن الكريـم حيث إنـه فصَّل في سنن المجتمـع، بخلاف حديثه عن سنن الطبيعة، فغالباً ما كان مجملاً، هذا من جانب، ومن جانب آخر فقد ألزمت نفسي بضوابط اتفق عليهـا المفسرون، هذه الضوابط جعلتني متحفظاً في تفسير السنن المتعلقـة بالطبيعـة؛ ذلك أنها تحتاج إلى أهل التخصص في كل فنٍّ وعلم، فهناك سنن تتكلم عن الأفلاك، وسنن تتكلم عن البحار، وسنن تتكلم عن الجبال، وهكذا...
ثالثاً: أن عنوان الرسالة جاء باسم (سنن الطبيعة والمجتمع)، وكان الأَولى أن يُسَمى: السنن الإلهية ـ فهي كذلك ـ ولكن عدلت عن ذلك من أجل ألا يُصَادر على البحـث، فـكان العنـوان (سنن الطبيعة والمجتمع) ليثبـت من خلال البحث والمناقشة أنها سنن إلهية.
المجموعة | مكتبة الرسائل الجامعية العالمية |
الناشر | دار النوادر |
عنوان الناشر | دمشق |
سنة النشر (هجري) | 1433 |
سنة النشر (ميلادي) | 2012 |
رقم الطبعة | 1 |
نوع الورق | كريم شاموا |
غراماج الورق | 70 |
مصدر الورق | ياباني |
قياس الورق | 17 × 24 |
الغلاف | فني |
ردمك | 9789933459864 |
تأليف/تحقيق | تأليف |
تصنيف ديوي |
تحميل
كلمات مفتاحية
روابط مفيدة
موضوع في القمة.