القائمة
جهود علماء دمشق في رواية الحديث الشريف في العصر العثماني
جهود علماء دمشق في رواية الحديث الشريف في العصر العثماني
إن علم الحديث النبوي الشريف من أجلِّ العلوم قـدراً، وأسماهـا شرفاً وذكراً، فهو المصدر الثاني بعد الكتاب العزيز في ديننا الحنيف، وبه تعلم تفاصيل أحكام الشرع الشريف، فلذلك عكف علمـاء الأمة على خدمته، وحفظه وتدوينه وروايته، والاعتناء برجالـه وتصحيحه وتضعيفه، وشرحه وترتيبـه وتصنيفه، كما أحكم الحفاظ والمحدثون توثيقه بمنظومة من القوانين والقواعد التي لا يرقى إليها كل ما عرفته البشرية من وسائل الإثبات على مرِّ التاريخ.
أمام هذا التراث المشرق الهائل في خدمة هذا العلم الشريف يقف الباحث المنصف مذهولاً وهو يتأمل عظمته وعظمة صانعيه، ويدرك ضرورة القيام برصد هذه الخدمات ودراسة هذا النشاط، وإعطائه حقه من العناية والاهتمام والتقدير.
ولمـا كان مـن العسير الإحاطة بهذا النشاط الحديثي علـى امتداد التاريـخ الإسلامي، وطول البقاع الإسلامية وعرضها في مُؤَلَّفٍ واحد، كان لا بدَّ من دراسته في تآليف متعددة بتعدد الأماكن والأزمان التي نشط فيها علم الحديث، فتكون لكل قطر دراسة خاصة به، ولكل عصر دراسة خاصة به؛ لأن تضييق دائرة البحث يؤدي إلى توسعٍ في تحليل جزئياته، ودقةٍ أكثر في الحكم عليه.
* * *
* أهمية البحث وأسباب اختياره:
لما كانت مدينة دمشق من أهم الحواضر الإسلامية وأعظمها تاريخاً وحضارة، فقد عني الدارسون بها من جوانب كثيرة، وكتب المؤرخون قديماً وحديثاً في تراجم رجالها من الفقهاء والمحدثين والمفسرين، والنحويين والأدباء والشعراء، والحكام والوزراء، واشتغل الباحثون المعاصرون بدراسة تاريخ المدينة من النواحي السياسية والعمرانية والاجتماعيـة والاقتصادية، إلا أن الدراسات التحليلية للنهضة العلمية في دمشق على مرِّ العصور بقيت قليلة، لاسيما فيما يتعلق بنشاطها الحديثي رواية أو دراية أو تصنيفاً.
من هنا رأيت أن أوجِّـه عنايتي إلى دراسة جهود علمـاء دمشق في الحديث الشريف، واخترت العصر العثماني لأسبابٍ عدة، من أهمها: أنِّي وجدت الكثير من الباحثين والدارسين المعاصرين ينظرون إلـى العصر العثماني نظرةً قاتمـة؛ إذ يعتبرونـه عصر التخلف العلمي والفكري والحضاري، لذا لم يُعْنَوا بإظهار الكثير من الجهود العلميـة التي بُذِلَتْ فيه، مما أدَّى إلى غياب جهود كبيرة بُذِلَتْ تُشكر ولا تُكفر.
وإذا كانت الجهود الحديثية في العصر العثماني لا ترقى في جملتها إلى مستوى العصرين الأيوبي والمملوكي كمَّاً وكيفاً، فإنه ينبغي علينا ألا نُغمض الطَّرف عمَّـا وُجِد في هـذا العصر من نشاط لا ينكر، وأن نكون فـي الوقت نفسه معتدلين في الأحكام بين الإفراط والتفريط.
فلو ذهبنا نعتمد في الحكم على العصر العثماني على إطراءات بعض المؤرخين من أبنائـه لخرجنا عن جـادة الصواب، ولو سلَّمنـا للكتاب المعاصرين المتأثرين بأعداء العثمانيين ما كالوه من قدح وذم واستخفاف لخسرنا الكثير من التراث العربي والإسلامـي الذي يجب علينا أن نحفظه ولا نضيعه، والإنصاف أن نعطي كلَّ ذي حقٍّ حقه، وأن ندرس كلَّ عصر من خلال واقعه وظروفه، بعيداً عن المتعاطفين معه أو المتعصبين ضده.
* * *
* عقبات البحث:
ولم يكن الأمر سهلاً على الإطلاق، لاسيما في موضوع كهذا لم يُكتب فيه قليل ولا كثير، ولا سبيل للمشتغل به إلا جمع المتفرقات، ولَمُّ شعث المتناثرات، ولم يكن هذا البحث كالبحوث المطروقة التي يرتاد العمل فيها كثير من الكُتَّاب، ’فإن العمل فيما أصبح معلوماً ومواد أبحاثـه متوفرة يستطيعه الكثير ممَّن يُؤْثِرُون الكتابة في الأمور الواضحة اليسيرة التي لا تحتاج إلى عناء وتعب كبيرين، أما السَّير في الشِّعاب والهضاب والأودية فلا يستطيعه إلا الدليل الحاذق الذي يجد لذَّة في تذليل الصعاب، وهذا ما ينبغي أن يتصف به الباحثون وروَّاد المعرفة‘( ).
والحقيقة أني سلكت في جمع مادة هذه الدراسة طريقاً شاقاً في بدايته، ولكنه مثمر ـ ولله الحمد ـ في نهايته، فاستقرأت كلَّ ما وقع تحت يدي مما له صِلَةٌ بدمشق في المرحلة العثمانيـة، واستخرجت منها كلَّ نشاط حديثي من سماع أو قراءة أو إجازة أو تصنيف أو غير ذلك، وأفردت كل معلومة بجزازة مع ذكر مصدرها، حتى اجتمع لديَّ من هذه الجزازات الآلاف، ثم عدت إليها أتأملها المرة تلو المرة حتى تكونت لديَّ صورة واضحة، رسمت بعدها خطة البحث من خلال الواقع، وما من بحثٍ كتبته بعد ذلك إلا استقرأت لأجله هذه الجزازات لأستخرج أمثلته وشواهده.
والكتب التي استقرأتها لهذا الغرض على أصناف:
1 ـ كتب التراجم للفترة العثمانيـة، كـ ’الكواكب السائرة فـي أعيان المئـة العاشرة‘ لمحمد نجم الدين الغزي، و’خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر‘ لمحمد أمين المحبي، و’سلك الدرر فـي أعيان القرن الثاني عشر‘ لمحمد خليل المرادي، و’حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر‘ لعبد الرزاق البيطار، و’سلسلة علماء دمشق وأعيانها‘ للدكتور محمد مطيع الحافظ والدكتور نزار أباظة، وغير ذلك.
2 ـ كتب الحوادث واليوميـات والرحـلات الواقعـة في العصر العثمانـي، كـ ’الحوادث اليومية‘ لمحمد بن كنان الصالحي، و’حوادث دمشق اليومية‘ للبديري، و’يوميات محمد سعيد الأسطواني‘، و’رحلات الشيخ عبد الغني النابلسي المتعددة‘، وغير ذلك.
3 ـ كتب الأثبـات والمشيخـات، كـ ’رياض الجنـة‘ لعبد الباقي البعلـي، و’مشيخة أبي المواهب الحنبلي‘، و’لطائف المنـة‘ لمحمد أبي المعالي الغزي، و’أثبات آل الكزبري‘، و’عقود اللآلي‘ لمحمد أمين عابدين وغيرها.
4 ـ الإجازات العلمية الصادرة عن علماء دمشق لتلاميذهم، أو الإجازات التي حصل عليها الطلبة الدمشقيون من غيرهم، فقد جمعت ولله الحمد منها المئات من المكتبات العامة والخاصة، ووجدت فيها من الفوائد والشواهد التي تغذي هذا البحث ما لا يمكن العثور عليه في غيرها، فهي وثائق عظيمة هامة، يستطيع الباحثُ من خلالها رصدَ الحركة العلمية رصداً دقيقاً.
ومن الجدير بالذكر أن معظم هذه الإجازات، والكثير من الأثبات إنما هي مخطوطات لم تنشر، استغرق الحصول عليها الكثير من الجهد والوقت والمال.
   المجموعةمشروع 100 رسالة جامعية سورية
   الناشردار النوادر
   عنوان الناشردمشق
   سنة النشر (هجري)1433
   سنة النشر (ميلادي)2012
   رقم الطبعة1
   نوع الورقكريم شاموا
   غراماج الورق70
   قياس الورق17×24
   عدد المجلدات1
   الغلاففني
   ردمك9789933482046
   تأليف/تحقيقتأليف
   تصنيف ديوي
USD16
https://m.daralnawader.com/جهود-علماء-دمشق-في-رواية-الحديث-الشريف-في-العصر-العثماني
 تحميل
 كلمات مفتاحية
 تعليقات الزوار
اسامه سنجر: 

شكراااااااااااااااااااا

2014-05-20 11:48:41 am
عدنان ابو زيد: 

الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات والصلاة والسلام على خير البريات نبينا محمد وعلى آله وصحبه أهل الطيب والمكرمات.
عودتنا الدار المعطاء لكل خير على نشر الدرر ، ووفق شيخنا الحبيب اللبيب الاديب المحدث عمر نشوقاتي لكم ما يحب ويرضى، وأسأل الباري ـ عز وجل ـ أن يحفظ الشام من كل سوء، ويحفظ لنا دار النوادر الغالية على قلوبنا ويحفظ القائمين عليها وخصوصا شيخنا الحبيب المفضال نور الدين طالب ويوفقهم لكل خير. 24 صفر الخير 1433 بغداد

2014-05-20 11:48:41 am
اسم المستخدم
كلمة المرور
 مشاركة
FacebookTwitterLinkedInGoogle