الكتابة وفن الخط العربي النشأة والتطور (1)
باسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله النبي الأمي ومن والاه: هذه تجارب وممارسات وبحوث عمرها نصف قرن من الزمان، ساحتها الخط العربي وما يحيط به بمنظـور جديد، وانطلاقة ذاتية تعلمـاً وبحثاً وتحركاً بمسـاع حثيثة، حملت عبق الأيام الخوالي، وتجارب الماضي المفعَم برحيق عباقرة القرون الماضية، وإطلالتهم الفنية الإيمانية، وذوب أفكارهم السامية الخلاقة في ظلال أيكة الجمال الوارفة، وتطلعات هدفها نفحات دوحة الجلال بنسـماتها العذبة المنعشـة للـروح، ونعمها التي لا تحصى، وضَوع عطر خيراتها التي تشع نوراً يجوب الآفاق، يسطع سناه ليحتوي مسيرة متنامية تجسدت في مجموعة أبحاث نقتطف منها بعض ما دار في فلك الكتابة العربية وفنها الأسمى (الخط العربي)، وهي تمثل النشأة الأولى، التي كانت منها الصورة التي حملت رسم القرآن العظيم بحرفـه المتكامـل مبنىً، والمطـور قاعـدة، والمهيأ تعبيراً، والمنطوق حفظاً.
تتواصل الأبحاث لتعطي مؤشرات لصور التطور الذي شكل صرحاً ليس له مثيل، قام على محورين: يعالج الأول: الوظيفة المفروضة للكتابة مثل سائر الكتابات في العالم، باعتبارها لغة منظورة تحاول أن تعبر عن اللغة المنطوقة بعرض لواقع قائم، دون التعرض لما فيه من نجاحات أو إخفاقات؛ لأن ذلك له خصوصيات تحتاج إلى تعمق أكبـر لا تفي هذه النظرات المؤسسة لأفكار جديدة في هذا التوجه التعريفي؛ لما في ذلك من أبعاد متجذرة في علوم اللغة المختلفة ووظائفها المتعددة.
أما المحور الثاني، وهو الذي يعالج الجانب الجمالي في الرسـم الحرفي، الصرح الذي تنوعت مساراته الفنية، جرى تغطيته بتركيز يفصح عن منظور جديد في تطوره، وحقيقة أدواره التاريخية والفنية في ساحاته المترامية، بالإضافة إلى أدوار بعض رجالاته في عملية الخلق والإبداع فيه، تشكل منطلقاً جديداً للتوسع في دراساته، يلاحظ في هذا الجانب: تطور الأبحاث علميـاً؛ حيث إنها انطلقت مما هو شـائع ومعـروف في الدراسات القائمة في أحدث منجزاتها، ومن ثم التحول وثائقياً إلى ما يمكن اعتباره نتائج جديدة، ومعلومات غير مسبوقة، أفرزتها هذه البحوث في نشأة الكتابة ومن ثم فن الخط العربي، ومسارات تطوره وتعدد أنواعه، وصولاً إلى تقديم أمثلة حية في بعض ساحاته التي لم تسلط عليها الأضواء ـ برغم أهميتها ـ تشكل صوراً إيضاحية لما بحث فيه لبعض منها في هذا الفن زماناً ومكاناً، وتنوعاً حضارياً يعكس الحركة الجمالية التي صارت ميزة خاصة بالخط العربي، الذي قدم طبعة جديدة غنية بالجمال والجلال، لغة عالمية يسعد بها البشر عامة؛ وفهم خاص مضاف عند أهله.
ويتمثل الآخر فيها خلاصة ضمن هذا المنظور الجديد، يمكن أن يشكل نظرة طائر على هذا المَعْلَم الفني الكبير الذي له من العمر أكثر من خمسة عشر قرناً، زماناً، ساحته الوطن العربي أولاً، ثم العالم الإسلامي ثانياً، وبعدها توغله في أقطار الأرض قاطبة.
ومما تجدر الإشارة إليه: أن هناك بعض المعلومات قد استجدت؛ مما يجعل ما ورد في بعض هذه الأبحاث حولها، يعتريه بعض النقص، وقد يكون قد تم تلافيه في الأبحاث التي تلته في هذه المجموعة، وربما هنالك بعض آخر لم يعالج، على أمل دراسته وطرحه في أبحاث قادمة ـ إن شاء الله ـ.
أما ما يلاحظ من بعض التداخل بين بعض الآراء القديمة والجديدة، فإن ذلك يؤشر إلى أن الخوض في هذه الموضوعات في هذا الفن قد مر بمراحل، وجاء بشكل تدريجي، وهو يعبر عن تطور أفكار الباحث مما هو مطروح على بسـاط البحث؛ من متابعة للموضوعات المختلفة، أو توفر مادة، أو وثائق مكتشفة تعين على التوصل لدراسة علمية أكثر نضجاً، وأوسع إحاطة، وأكثر تدقيقاً؛ لأن هذه الأبحاث قد سطرت بتركيز كبير اقتضته الظروف التي أحاطت بإعدادها للندوات أو المؤتمرات، وحتى المجـلات العلمية المحكمـة التي كان لجميعهـا حـدود في المشـاركة والنشر.
وخاتمة لما تقدم: يسعدني أن أسدي جميل الشكر للأخ صالح سعد المطوي؛ لتبنيه طبع ونشر هذه البحوث كمجموعة حسب خصوصيتها، وبعد اطلاعه عليها، وهو ذو الثقافة التراثية الواسعة، المتابع لنتاجاتها، والمتواصل مع روادها، وشكر كذلك للأخ الدكتور نبيل حجازي المساعد بتعاونـه المثمر على رعاية إعدادهـا للطبـع، والحث على طرحها على الساحة الثقافية العامة والمتخصصة؛ للخروج من مظانها التي نشرت فيها على نطاق محدود، ومعها البحوث التي لم تنشر.
أضيف إلى ذلك: اعتزازي وتقديري للذين لهم فضل معاونتي من العلماء الأجلاء والباحثين الفضلاء، والمؤسسـات العلمية والفنية التي تفوق الحصر. والذين كان لبعضهم فضل دفعي لارتياد هذه الميادين؛ بدعواتهـم للمشـاركة في مؤتمراتهـم وندواتهـم، ومواسـمهم الثقافيـة ومحاضـراتهم، أو كتابة البحـوث لمطبوعاتهم، أو مجـلاتهم العلميـة المحكمة، وكذلك تلامذتي الكثر من مختلف الأقطار الذين أعانوني في متابعاتي في هذا التوجه، وغيرهم ممن لاحظوا اهتمامي بهذه الفنون، فكانوا رافداً لا ينضب، نهلتُ من معينه بلا حدود، جزاهم الله جميعاً خير الجزاء.
ومما يجب ذكره في الختـام، وهو أن هذه بعض جهـود سـنوات طويلة توالت تمثل أحـد الميادين التي طرقتها بفضل الله، آمل أن تكون مشاركة متواضعة، هي جزء من مجموعة أبحاث في هذا المضمار، تشكل لبنة محـدودة في بناء هذا الصرح الكبير لفن إلهي جليل، وطود شامخ شريف بحاجة أن تستكمل دراساته؛ لما فيه من جوانب كثيرة هي بحاجة لمثل هـذه الأبحاث، والتي هي بحاجة إلى تعاون مؤسساتي كبير لسبر أحوالها؛ لما لها من انعكاسـات حضـارية غير محدودة على الجوانب التاريخية واللغوية والفنية والتراثية والتربوية وغيرها، التي لا تنهض الأمة بدونها.
والله الموفق.
يوسف ذنون
تتواصل الأبحاث لتعطي مؤشرات لصور التطور الذي شكل صرحاً ليس له مثيل، قام على محورين: يعالج الأول: الوظيفة المفروضة للكتابة مثل سائر الكتابات في العالم، باعتبارها لغة منظورة تحاول أن تعبر عن اللغة المنطوقة بعرض لواقع قائم، دون التعرض لما فيه من نجاحات أو إخفاقات؛ لأن ذلك له خصوصيات تحتاج إلى تعمق أكبـر لا تفي هذه النظرات المؤسسة لأفكار جديدة في هذا التوجه التعريفي؛ لما في ذلك من أبعاد متجذرة في علوم اللغة المختلفة ووظائفها المتعددة.
أما المحور الثاني، وهو الذي يعالج الجانب الجمالي في الرسـم الحرفي، الصرح الذي تنوعت مساراته الفنية، جرى تغطيته بتركيز يفصح عن منظور جديد في تطوره، وحقيقة أدواره التاريخية والفنية في ساحاته المترامية، بالإضافة إلى أدوار بعض رجالاته في عملية الخلق والإبداع فيه، تشكل منطلقاً جديداً للتوسع في دراساته، يلاحظ في هذا الجانب: تطور الأبحاث علميـاً؛ حيث إنها انطلقت مما هو شـائع ومعـروف في الدراسات القائمة في أحدث منجزاتها، ومن ثم التحول وثائقياً إلى ما يمكن اعتباره نتائج جديدة، ومعلومات غير مسبوقة، أفرزتها هذه البحوث في نشأة الكتابة ومن ثم فن الخط العربي، ومسارات تطوره وتعدد أنواعه، وصولاً إلى تقديم أمثلة حية في بعض ساحاته التي لم تسلط عليها الأضواء ـ برغم أهميتها ـ تشكل صوراً إيضاحية لما بحث فيه لبعض منها في هذا الفن زماناً ومكاناً، وتنوعاً حضارياً يعكس الحركة الجمالية التي صارت ميزة خاصة بالخط العربي، الذي قدم طبعة جديدة غنية بالجمال والجلال، لغة عالمية يسعد بها البشر عامة؛ وفهم خاص مضاف عند أهله.
ويتمثل الآخر فيها خلاصة ضمن هذا المنظور الجديد، يمكن أن يشكل نظرة طائر على هذا المَعْلَم الفني الكبير الذي له من العمر أكثر من خمسة عشر قرناً، زماناً، ساحته الوطن العربي أولاً، ثم العالم الإسلامي ثانياً، وبعدها توغله في أقطار الأرض قاطبة.
ومما تجدر الإشارة إليه: أن هناك بعض المعلومات قد استجدت؛ مما يجعل ما ورد في بعض هذه الأبحاث حولها، يعتريه بعض النقص، وقد يكون قد تم تلافيه في الأبحاث التي تلته في هذه المجموعة، وربما هنالك بعض آخر لم يعالج، على أمل دراسته وطرحه في أبحاث قادمة ـ إن شاء الله ـ.
أما ما يلاحظ من بعض التداخل بين بعض الآراء القديمة والجديدة، فإن ذلك يؤشر إلى أن الخوض في هذه الموضوعات في هذا الفن قد مر بمراحل، وجاء بشكل تدريجي، وهو يعبر عن تطور أفكار الباحث مما هو مطروح على بسـاط البحث؛ من متابعة للموضوعات المختلفة، أو توفر مادة، أو وثائق مكتشفة تعين على التوصل لدراسة علمية أكثر نضجاً، وأوسع إحاطة، وأكثر تدقيقاً؛ لأن هذه الأبحاث قد سطرت بتركيز كبير اقتضته الظروف التي أحاطت بإعدادها للندوات أو المؤتمرات، وحتى المجـلات العلمية المحكمـة التي كان لجميعهـا حـدود في المشـاركة والنشر.
وخاتمة لما تقدم: يسعدني أن أسدي جميل الشكر للأخ صالح سعد المطوي؛ لتبنيه طبع ونشر هذه البحوث كمجموعة حسب خصوصيتها، وبعد اطلاعه عليها، وهو ذو الثقافة التراثية الواسعة، المتابع لنتاجاتها، والمتواصل مع روادها، وشكر كذلك للأخ الدكتور نبيل حجازي المساعد بتعاونـه المثمر على رعاية إعدادهـا للطبـع، والحث على طرحها على الساحة الثقافية العامة والمتخصصة؛ للخروج من مظانها التي نشرت فيها على نطاق محدود، ومعها البحوث التي لم تنشر.
أضيف إلى ذلك: اعتزازي وتقديري للذين لهم فضل معاونتي من العلماء الأجلاء والباحثين الفضلاء، والمؤسسـات العلمية والفنية التي تفوق الحصر. والذين كان لبعضهم فضل دفعي لارتياد هذه الميادين؛ بدعواتهـم للمشـاركة في مؤتمراتهـم وندواتهـم، ومواسـمهم الثقافيـة ومحاضـراتهم، أو كتابة البحـوث لمطبوعاتهم، أو مجـلاتهم العلميـة المحكمة، وكذلك تلامذتي الكثر من مختلف الأقطار الذين أعانوني في متابعاتي في هذا التوجه، وغيرهم ممن لاحظوا اهتمامي بهذه الفنون، فكانوا رافداً لا ينضب، نهلتُ من معينه بلا حدود، جزاهم الله جميعاً خير الجزاء.
ومما يجب ذكره في الختـام، وهو أن هذه بعض جهـود سـنوات طويلة توالت تمثل أحـد الميادين التي طرقتها بفضل الله، آمل أن تكون مشاركة متواضعة، هي جزء من مجموعة أبحاث في هذا المضمار، تشكل لبنة محـدودة في بناء هذا الصرح الكبير لفن إلهي جليل، وطود شامخ شريف بحاجة أن تستكمل دراساته؛ لما فيه من جوانب كثيرة هي بحاجة لمثل هـذه الأبحاث، والتي هي بحاجة إلى تعاون مؤسساتي كبير لسبر أحوالها؛ لما لها من انعكاسـات حضـارية غير محدودة على الجوانب التاريخية واللغوية والفنية والتراثية والتربوية وغيرها، التي لا تنهض الأمة بدونها.
والله الموفق.
يوسف ذنون
المجموعة | سلسلة الفن الإسلامي |
الناشر | دار النوادر |
عنوان الناشر | دمشق |
سنة النشر (هجري) | 1433 |
سنة النشر (ميلادي) | 2012 |
رقم الطبعة | 1 |
نوع الورق | كريم شاموا |
غراماج الورق | 70 |
قياس الورق | 17 × 24 |
عدد المجلدات | 1 |
الغلاف | فني |
ردمك | 9789933459536 |
تأليف/تحقيق | تأليف |
تصنيف ديوي |
تحميل
كلمات مفتاحية
روابط مفيدة
good