حاشية الخلوتي على منتهى الإرادات
إنَّ الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يُضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾[آل عمران: ١٠٢].
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾[النساء: ١].
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (*) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾[الأحزاب: ٧٠ ـ ٧١].
أما بعد:
فإن أولى ما يتنافس فيه المتنافسون، وأحرى ما يتسابق في حلبة سباقه المتسابقون، ما كان فيه سعادة العبد في الدنيا والآخرة، ذلك العلم النافع والعمل الصالح، فمن رُزِقهما فقد فاز وغنم، ومن حُرِمهما فالخير كله حُرِم.
وإن العلم الشرعي ومعرفة ما أنزل الله على رسوله ﷺ من الأحكام بأدلتها، وما يترتب عليها من الثواب والعقاب من أفضل ما شُغِلت به الأوقات وصُرِفت إليه العزائم والهمم، فإنه بمعرفة ذلك يكون متعبداً لله على بصيرة، نافعاً للعباد في عباداتهم ومعاملاتهم الدقيقة والجليلة.
ومن رحمة الله ـ تعالى ـ بعباده أن حفظ هذا الدين برجاله المخلصين، وهم العلماء العاملون، الذين كانوا أعلاماً يُهتدَى بهم، وأئمة يُقتدَى بهم، وأقطاباً تدور عليهم معارف الأمة، وأنواراً تتجلى بهم غياهب الظلمة، آثارهم محمودة، وطريقتهم مأثورة، وذكرهم مرفوع، وسعيهم مشكور.
ومن هؤلاء الأئمة الإمام أحمد بن حنبل ـ رحمه الله ـ، فإنه ملأ الأرض علماً وحديثاً، وعَلِمَ الله ـ تعالى ـ حسن نِيَّته وقصده، فكُتِبَ كلامه وحُفِظ، وانتفعت به الأمة، وصار إماماً وقدوة لأهل السنة.
ثم جاء من بعـده أتباعـه، فجمعوا مسائله ورواياتـه، وقعَّدوا لها القواعد، وفَرَّعوا عليها المسائـل، وأكثـروا من التصنيـف، والتأليف في ذلك، ولا سيمـا المتأخرون منهم، فإنهم سلكـوا مسلك التصحيح والترجيح بين الروايات والأقوال، فحرروا المذهب ونقَّحوه، وبيَّنوا ما أُجمِل ووضحوه.
ومن هؤلاء العلاَّمة علاء الدين علي بن سليمان المرداوي في كتابه: ’الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف‘، فهو تصحيح لما نقل عن الإمام أحمد في المسألة من روايات، وما نقل عن الأصحاب فيها من أقوال.
ثم اختصره في كتابه: ’التنقيح المشبع‘ صحح فيـه ما أطلقـه الموفق في: ’المقنع‘ من الروايات، والأوجه، وقيَّد ما أخَل فيـه من الشروط، أو ما فيه إطلاق، واستثنى من عمومه ما هو مستثنى على المذهب حتى خصائص النبي ﷺ، فصـار تصحيحاً لغالب كتب المذهب، فبين في: ’إنصافـه‘، و’تنقيحه‘ ـ رحمه الله ـ الصحيح من الضعيف.
ثم نحا نحوه مقلداً له: العلاَّمـة موسى بن أحمـد بن موسى الحجاوي في كتابه: ’الإقناع لطالب الانتفاع‘، فقد جرد فيه الصحيح من مذهب الإمام أحمد.
ونحا نحوه أيضاً: العلاَّمة محمد بن أحمد بن عبد العزيز الفتوحي الشهير بابن النجار في كتابه: ’منتهى الإِرادات في الجمع بين المقنع والتنقيح، وزيادات‘.
ويعتبر هـذان الكتابان ـ ’الإقنـاع‘ و’المنتهى‘ ـ العمـدة عنـد المتأخرين، ومدار الفتوى عليهما، إذ فيهما البغية المنشودة والضالة المفقودة.
فإن اختلفا فالمرجع والمعتمـد على ما في: ’المنتهى‘، لأنـه أكثر تحريراً وتصحيحاً من ’الإقناع‘ وإن كان الإقناع أكثر وضوحاً ومسائل.
ولما كان لكتاب: ’المنتهى‘ هـذه المنزلـة عنـد المتأخرين من الأصحاب أَوْلوه عناية فائقة من جميع جوانبـه؛ فتـارة: بالحفـظ، والتدريس، واعتماده في القضاء والفُتيا، وتارة: بالشرح والاستدلال.
وتارة: بالتحشية، والتحرير، والتدقيق.
وتارة: بالاختصار.
وتارة: بالجمع بينه وبين ’الإقناع‘.
وممن خدم هذا الكتاب واهتم به ـ بالتحشية والتحرير ـ الشيخ محمد الخَلوتي ـ رحمه الله ـ في: ’حاشيته على المنتهى‘، فحَلَّل وحرر كثيراً من ألفاظ ’المنتهى‘ ومسائله، واعتنى بالفروق الفقهية، وتصوير المسائل، وتلخيص الشروط.
ولما أنهيت ـ بحمد الله ـ مرحلة الماجستيـر، بحثـت عن موضـوع ليكون رسالة لنيل درجة الدكتوراه، فاستعنت بالله ـ تعالى، فهو خير معين ـ، فوقع اختياري على ’حاشية المنتهَى‘ للخَلوتي ـ رحمه الله ـ، القسم الأول (من أول الحاشية إلى آخر كتاب الوصايا).
وكتبه
الدكتور سامي بن محمد بن عبدالله الصقير
فإن من أشرف ما شُغلت بـه الأوقات، وأجل ما بُذلت فيـه الجهود، وعُلقت بـه الهمم والعزائم؛ طلب العلم الشرعي؛ المستمـد من كتاب الله ـ جل وعلا ـ، وسنة رسوله ﷺ، حفظاً، وتفقهاً، وتطبيقاً.
ومن أول ذلك فقه الأحكام، الذي هـو تفسير لتلك النصوص، وتنزيل لها على الوقائع والنوازل؛ لشدة حاجة الناس إليـه في كل زمان ومكان، فهو الطريق لتصحيح العبادات التي يتقرب بها الناس إلى الله ـ جلا وعلا ـ، لتكون مبنية على الحـق، ومقامـة على بصيـرة، ولتصحيح معاملات الناس، وتجاراتهم وتبادلهم المنافع، ولتأمين المجتمـع من شرور الفوضى، والحفاظ على دماء الناس وأعراضهم وأموالهم؛ بمعرفة حكم الله وكيفية تطبيقه على المعتدين والمجرمين، وضبط قواعد القضاء والتحاكم والدعاوى والبينات في ذلك كله.
لذا تعلقت أنفس العلماء وطلاب العلم بهذا الفن، واتجهت أنظارهم وهممهم إليه سلفاً وخلفاً، يدرسونه ويقررونه، استنباطاً من النصوص، ومقارنة بين المذاهب، وإقامة للمناظرات والمناقشات في ذلك؛ طلباً للوصول إلى الحق فيه، فنشأ لذلك علم الفقه، وكثرت فيه المصنفات؛ ما بين مختصرات ومطولات، ومتون وشروح لها وحواشٍ عليها، وتبارى جهابـذة هذا الفن من كل المذاهب في هذا الميدان، فتكونت فيه ثروة عريضة مشرفة، بقيت مناراً للأجيال اللاحقة، ولم يزل هذا المدُّ ـ بفضل الله تعالى ـ مستمراً في العطاء والتجدد.
وكان من فضـل الله عليَّ أن تخصصت في هذا الفن في دراستي الجـامعيـة وما بعدها، وقد تشرفت بالانتساب إلى هذه الجامعة المباركة، في المعهد العلمي، ثم كلية الشريعة، ثم المعهد العالي للقضاء في مرحلتَي الماجستير والدكتوراه.
وقد أنهيت متطلبات الماجستير عام 1417ﻫ، ولم أزل أتلفت عن موضـوع يصلح لتسجيله أطروحة لنيل درجة الدكتـوراه، حتى وجدت بغيتي ـ بحمد الله ـ في حاشية العلامة محمد بن أحمد البهوتي الخَلوتي المصري المتوفى سنة ثمان وثمانين وألف بعد الهجرة، على منتهى الإرادات للعلامة محمد بن أحمـد الفتوحي الشهير بابن النجار المتوفى سنة اثنتين وسبعين وتسعمئة. فسعدت بهذه الحاشية، وعزمت على تحقيقها بعد أن اطلعت عليها، وذلك لما يلي:
1 ـ شهرة المنتهى ومنزلته الرفيعة بين أهل المذهب، وتقديمه على غيره عند المتأخرين في الفتوى والقضاء، ولا شك أن هذه الحاشية ستستمد هذه القوة من ذلك إضافـة إلى ما أطبـق عليـه الحنابلة من مكانتهـا المميزة بين شروح المنتهى وحواشيه.
2 ـ مكانـة مصنف الحاشية بين علماء المذهب وشهرتـه وتميـزه بالتحرير والتحقيق والتدقيق.
3 ـ ما لهذه الحاشية من ميـزات كالعنايـة بنقـل الأقـوال ونسبتهـا، وكثـرة مصادرها، واشتمالها على فوائـد وزيادات كثيرة في فنون متنوعـة، وظهور شخصية مؤلفها، ووضوح رأيه ـ كما فصلته في موضعه ـ.
4 ـ توفر النسخ الكافية لهذه الحاشية مما يعني خروجها نصّاً على أحسن صورة ـ إن شاء الله تعالى ـ وقد اعتمدت أربع نسخ خطية ـ كما سيأتي ـ.
5 ـ استشهاد المصنف في الحاشية بأحاديث وآثار كثيرة مما يقوي الكتاب ويثري مادته.
وكتبه
الدكتور محمد بن عبدالله بن صالح اللحيدان
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾[آل عمران: ١٠٢].
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾[النساء: ١].
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (*) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾[الأحزاب: ٧٠ ـ ٧١].
أما بعد:
فإن أولى ما يتنافس فيه المتنافسون، وأحرى ما يتسابق في حلبة سباقه المتسابقون، ما كان فيه سعادة العبد في الدنيا والآخرة، ذلك العلم النافع والعمل الصالح، فمن رُزِقهما فقد فاز وغنم، ومن حُرِمهما فالخير كله حُرِم.
وإن العلم الشرعي ومعرفة ما أنزل الله على رسوله ﷺ من الأحكام بأدلتها، وما يترتب عليها من الثواب والعقاب من أفضل ما شُغِلت به الأوقات وصُرِفت إليه العزائم والهمم، فإنه بمعرفة ذلك يكون متعبداً لله على بصيرة، نافعاً للعباد في عباداتهم ومعاملاتهم الدقيقة والجليلة.
ومن رحمة الله ـ تعالى ـ بعباده أن حفظ هذا الدين برجاله المخلصين، وهم العلماء العاملون، الذين كانوا أعلاماً يُهتدَى بهم، وأئمة يُقتدَى بهم، وأقطاباً تدور عليهم معارف الأمة، وأنواراً تتجلى بهم غياهب الظلمة، آثارهم محمودة، وطريقتهم مأثورة، وذكرهم مرفوع، وسعيهم مشكور.
ومن هؤلاء الأئمة الإمام أحمد بن حنبل ـ رحمه الله ـ، فإنه ملأ الأرض علماً وحديثاً، وعَلِمَ الله ـ تعالى ـ حسن نِيَّته وقصده، فكُتِبَ كلامه وحُفِظ، وانتفعت به الأمة، وصار إماماً وقدوة لأهل السنة.
ثم جاء من بعـده أتباعـه، فجمعوا مسائله ورواياتـه، وقعَّدوا لها القواعد، وفَرَّعوا عليها المسائـل، وأكثـروا من التصنيـف، والتأليف في ذلك، ولا سيمـا المتأخرون منهم، فإنهم سلكـوا مسلك التصحيح والترجيح بين الروايات والأقوال، فحرروا المذهب ونقَّحوه، وبيَّنوا ما أُجمِل ووضحوه.
ومن هؤلاء العلاَّمة علاء الدين علي بن سليمان المرداوي في كتابه: ’الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف‘، فهو تصحيح لما نقل عن الإمام أحمد في المسألة من روايات، وما نقل عن الأصحاب فيها من أقوال.
ثم اختصره في كتابه: ’التنقيح المشبع‘ صحح فيـه ما أطلقـه الموفق في: ’المقنع‘ من الروايات، والأوجه، وقيَّد ما أخَل فيـه من الشروط، أو ما فيه إطلاق، واستثنى من عمومه ما هو مستثنى على المذهب حتى خصائص النبي ﷺ، فصـار تصحيحاً لغالب كتب المذهب، فبين في: ’إنصافـه‘، و’تنقيحه‘ ـ رحمه الله ـ الصحيح من الضعيف.
ثم نحا نحوه مقلداً له: العلاَّمـة موسى بن أحمـد بن موسى الحجاوي في كتابه: ’الإقناع لطالب الانتفاع‘، فقد جرد فيه الصحيح من مذهب الإمام أحمد.
ونحا نحوه أيضاً: العلاَّمة محمد بن أحمد بن عبد العزيز الفتوحي الشهير بابن النجار في كتابه: ’منتهى الإِرادات في الجمع بين المقنع والتنقيح، وزيادات‘.
ويعتبر هـذان الكتابان ـ ’الإقنـاع‘ و’المنتهى‘ ـ العمـدة عنـد المتأخرين، ومدار الفتوى عليهما، إذ فيهما البغية المنشودة والضالة المفقودة.
فإن اختلفا فالمرجع والمعتمـد على ما في: ’المنتهى‘، لأنـه أكثر تحريراً وتصحيحاً من ’الإقناع‘ وإن كان الإقناع أكثر وضوحاً ومسائل.
ولما كان لكتاب: ’المنتهى‘ هـذه المنزلـة عنـد المتأخرين من الأصحاب أَوْلوه عناية فائقة من جميع جوانبـه؛ فتـارة: بالحفـظ، والتدريس، واعتماده في القضاء والفُتيا، وتارة: بالشرح والاستدلال.
وتارة: بالتحشية، والتحرير، والتدقيق.
وتارة: بالاختصار.
وتارة: بالجمع بينه وبين ’الإقناع‘.
وممن خدم هذا الكتاب واهتم به ـ بالتحشية والتحرير ـ الشيخ محمد الخَلوتي ـ رحمه الله ـ في: ’حاشيته على المنتهى‘، فحَلَّل وحرر كثيراً من ألفاظ ’المنتهى‘ ومسائله، واعتنى بالفروق الفقهية، وتصوير المسائل، وتلخيص الشروط.
ولما أنهيت ـ بحمد الله ـ مرحلة الماجستيـر، بحثـت عن موضـوع ليكون رسالة لنيل درجة الدكتوراه، فاستعنت بالله ـ تعالى، فهو خير معين ـ، فوقع اختياري على ’حاشية المنتهَى‘ للخَلوتي ـ رحمه الله ـ، القسم الأول (من أول الحاشية إلى آخر كتاب الوصايا).
وكتبه
الدكتور سامي بن محمد بن عبدالله الصقير
فإن من أشرف ما شُغلت بـه الأوقات، وأجل ما بُذلت فيـه الجهود، وعُلقت بـه الهمم والعزائم؛ طلب العلم الشرعي؛ المستمـد من كتاب الله ـ جل وعلا ـ، وسنة رسوله ﷺ، حفظاً، وتفقهاً، وتطبيقاً.
ومن أول ذلك فقه الأحكام، الذي هـو تفسير لتلك النصوص، وتنزيل لها على الوقائع والنوازل؛ لشدة حاجة الناس إليـه في كل زمان ومكان، فهو الطريق لتصحيح العبادات التي يتقرب بها الناس إلى الله ـ جلا وعلا ـ، لتكون مبنية على الحـق، ومقامـة على بصيـرة، ولتصحيح معاملات الناس، وتجاراتهم وتبادلهم المنافع، ولتأمين المجتمـع من شرور الفوضى، والحفاظ على دماء الناس وأعراضهم وأموالهم؛ بمعرفة حكم الله وكيفية تطبيقه على المعتدين والمجرمين، وضبط قواعد القضاء والتحاكم والدعاوى والبينات في ذلك كله.
لذا تعلقت أنفس العلماء وطلاب العلم بهذا الفن، واتجهت أنظارهم وهممهم إليه سلفاً وخلفاً، يدرسونه ويقررونه، استنباطاً من النصوص، ومقارنة بين المذاهب، وإقامة للمناظرات والمناقشات في ذلك؛ طلباً للوصول إلى الحق فيه، فنشأ لذلك علم الفقه، وكثرت فيه المصنفات؛ ما بين مختصرات ومطولات، ومتون وشروح لها وحواشٍ عليها، وتبارى جهابـذة هذا الفن من كل المذاهب في هذا الميدان، فتكونت فيه ثروة عريضة مشرفة، بقيت مناراً للأجيال اللاحقة، ولم يزل هذا المدُّ ـ بفضل الله تعالى ـ مستمراً في العطاء والتجدد.
وكان من فضـل الله عليَّ أن تخصصت في هذا الفن في دراستي الجـامعيـة وما بعدها، وقد تشرفت بالانتساب إلى هذه الجامعة المباركة، في المعهد العلمي، ثم كلية الشريعة، ثم المعهد العالي للقضاء في مرحلتَي الماجستير والدكتوراه.
وقد أنهيت متطلبات الماجستير عام 1417ﻫ، ولم أزل أتلفت عن موضـوع يصلح لتسجيله أطروحة لنيل درجة الدكتـوراه، حتى وجدت بغيتي ـ بحمد الله ـ في حاشية العلامة محمد بن أحمد البهوتي الخَلوتي المصري المتوفى سنة ثمان وثمانين وألف بعد الهجرة، على منتهى الإرادات للعلامة محمد بن أحمـد الفتوحي الشهير بابن النجار المتوفى سنة اثنتين وسبعين وتسعمئة. فسعدت بهذه الحاشية، وعزمت على تحقيقها بعد أن اطلعت عليها، وذلك لما يلي:
1 ـ شهرة المنتهى ومنزلته الرفيعة بين أهل المذهب، وتقديمه على غيره عند المتأخرين في الفتوى والقضاء، ولا شك أن هذه الحاشية ستستمد هذه القوة من ذلك إضافـة إلى ما أطبـق عليـه الحنابلة من مكانتهـا المميزة بين شروح المنتهى وحواشيه.
2 ـ مكانـة مصنف الحاشية بين علماء المذهب وشهرتـه وتميـزه بالتحرير والتحقيق والتدقيق.
3 ـ ما لهذه الحاشية من ميـزات كالعنايـة بنقـل الأقـوال ونسبتهـا، وكثـرة مصادرها، واشتمالها على فوائـد وزيادات كثيرة في فنون متنوعـة، وظهور شخصية مؤلفها، ووضوح رأيه ـ كما فصلته في موضعه ـ.
4 ـ توفر النسخ الكافية لهذه الحاشية مما يعني خروجها نصّاً على أحسن صورة ـ إن شاء الله تعالى ـ وقد اعتمدت أربع نسخ خطية ـ كما سيأتي ـ.
5 ـ استشهاد المصنف في الحاشية بأحاديث وآثار كثيرة مما يقوي الكتاب ويثري مادته.
وكتبه
الدكتور محمد بن عبدالله بن صالح اللحيدان
المجموعة | موسوعات دار النوادر التراثية |
الناشر | دار النوادر |
عنوان الناشر | دمشق |
سنة النشر (هجري) | 1432 |
سنة النشر (ميلادي) | 2011 |
رقم الطبعة | 1 |
نوع الورق | كريم شاموا |
غراماج الورق | 70 |
مصدر الورق | ياباني |
قياس الورق | 17 × 24 |
عدد المجلدات | 7 |
عدد الصفحات | 4085 |
الغلاف | فني |
ردمك | 9789933459567 |
تأليف/تحقيق | تحقيق |
تصنيف ديوي |
تحميل
كلمات مفتاحية
روابط مفيدة
متى ستنزل هذه الحاشية في سوق مصر؟